فصل: اللغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة يونس: الآيات 83- 86]:

{فَما آمَنَ لِمُوسى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (83) وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) فَقالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (86)}

.الإعراب:

{فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} الفاء عاطفة على محذوف يفهم من السياق ومما فصّل في مواضع أخر أي فألقى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون وما نافية وآمن فعل ماض ولموسى متعلق به وإلا أداة حصر وذرية فاعل ومن قومه صفة.
{عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ} على بمعنى مع وهي مع مجرورها في محل نصب على الحال، ومن فرعون جار ومجرور متعلقان بخوف وملئهم عطف على فرعون وانما أعاد الضمير اليه جمعا لأنه بمعنى آل فرعون كما يقال ربيعة ومضر، أو لأنه ذو أصحاب يأتمرون بأمره، وأن يفتنهم أن وما في حيزها بدل اشتمال من فرعون أي على خوف من فتنة فرعون أو مفعول لأجله بعد حذف اللام.
{وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} الواو اعتراضية وهذه الجملة والتي بعدها اعتراض تذييلي وان واسمها واللام المزحلقة وعال خبر ان مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين وفي الأرض جار ومجرور متعلقان بعال وانه الواو اعتراضية أيضا وان واسمها واللام المزحلقة ومن المسرفين خبر إن.
{وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} يا قوم يا حرف نداء وقوم منادى مضاف لياء المتكلم وقد تقدم حكمه ونزيد هنا أن حذف الياء أقوى من إثباتها لقوة النداء على التغيير وإن شرطية وكنتم في محل جزم فعل الشرط والتاء اسم كان وجملة آمنتم خبر كنتم وباللّه جار ومجرور متعلقان بآمنتم، فعليه: الفاء رابطة لجواب الشرط وعليه متعلقان بتوكلوا وتوكلوا فعل أمر وفاعل وإن شرطية وكنتم مسلمين كان واسمها وخبرها وجواب الشرط محذوف وكرر الجملة توكيدا وسيأتي في باب الفوائد تحقيق تعليق الحكم بشرطين.
{فَقالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا} الفاء للعطف وقالوا فعل وفاعل وعلى اللّه جار ومجرور متعلقان بتوكلنا وتوكلنا فعل وفاعل {رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} ربنا منادى مضاف وحرف النداء محذوف ولا ناهية وتجعلنا فعل مضارع مجزوم بلا ونا مفعول به أول وفتنة مفعول به ثان وللقوم صفة والظالمين صفة لقوم.
{وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ} الواو عاطفة ونج فعل أمر مبني على حذف حرف العلة ونا مفعول به وبرحمتك متعلقان بمحذوف حال ومن القوم متعلقان بنجنا والكافرين صفة لقوم.

.الفوائد:

متى لم يترتب الشرطان في الوجود فالشرط الثاني شرط في الأول ولذلك لم يجب تقديمه على الاول وقد بنى الفقهاء على ذلك حكما طريفا وهو أن يقول الرجل لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت زيدا فمجموع قوله إن دخلت الدار فأنت طالق مشروط بقوله: إن كلمت زيدا والمشروط متأخر عن الشرط وذلك يقتضي أن يكون المتأخر في اللفظ متقدما في المعنى وأن يكون المتقدم في اللفظ متأخرا في المعنى فكأنه يقول لامرأته حالما كلمت زيدا إن دخلت الدار فأنت طالق فلو حصل هذا المعلق قبل إن كلمت زيدا لم يقع الطلاق وفي الآية التي نحن بصددها قوله: {إن كنتم آمنتم باللّه فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين}، يقتضي أن يكون كونهم مسلمين شرطا لأن يصيروا مخاطبين بقوله إن كنتم آمنتم باللّه فعليه توكلوا فكأنه تعالى يقول للمسلم حال إسلامه إن كنت من المؤمنين باللّه فعلى اللّه توكل والأمر كذلك لان الإسلام عبارة عن الاستسلام وهو الانقياد لتكاليف اللّه وترك التمرد والايمان عبارة عن معرفة القلب بأن واجب الوجود لذاته واحد وما سواه محدث تحت تدبيره وقهره فاذا حصلت هاتان الحالتان فعند ذلك يفوض العبد جميع أموره إلى اللّه تعالى ويحصل في القلب نور التوكل على اللّه.

.[سورة يونس: الآيات 87- 89]:

{وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87) وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (88) قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (89)}

.اللغة:

{تَبَوَّءا}: تبوّأ المكان: اتخذه مباءة كقولك توطنه إذا اتخذه وطنا وبوأت له بيتا أي اتخذته وقال أبو علي: إن تبوأ فعل يتعدى إلى مفعولين.
{اطْمِسْ}: الطمس: إزالة أثر الشيء بالمحو وطمست الريح آثار الديار والطمس تغير إلى الدثور والدروس قال كعب بن زهير:
من كل نضّاخة الذّفرى إذا عرقت ** عرضتها طامس الأعلام مجهول

.الإعراب:

{وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتًا} الواو استئنافية وأوحينا فعل وفاعل والى موسى جار ومجرور متعلقان بأوحينا وأخيه عطف على موسى وأن يجوز أن تكون مفسرة لأنه قد تقدمها ما هو بمعنى القول دون حروفه وهو الإيحاء ويجوز أن تكون مصدرية على بابها وهي مع مدخولها في موضع نصب مفعول أوحينا أي أوحينا إليهما التبوّء ولقومكما متعلقان بتبوءا وباعتبارها مفعولا ثانيا وبمصر حال وبيوتا مفعول تبوأا وجوز أبو البقاء أن يتعلق بتبوءا.
{وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} واجعلوا عطف على تبوأا وبيوتكم مفعول اجعلوا الاول وقبلة مفعول اجعلوا الثاني وأقيموا الصلاة عطف وهو فعل أمر وفاعل ومفعول به وبشر المؤمنين عطف أيضا وسيأتي في باب البلاغة سر تنويع الخطاب.
{وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا} قال موسى فعل وفاعل وربنا منادى مضاف حذف منه حرف النداء وإن وسمها وجملة آتيت خبر إن وفرعون مفعول به وملأه عطف على فرعون وزينة مفعول به ثان وأموالا عطف على زينة وفي الحياة الدنيا صفة لزينة {رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ} ربنا منادى مضاف وأعيد للتوكيد واللام لام الصيرورة والعاقبة أي آتيتهم النعم المذكورة ليشكروها ويتبعوا سبيلك فكان عاقبة أمرهم أنهم كفروها وضلوا عن سبيلك ويجوز أن تكون لام العلة والمعنى أنك آتيتهم ما آتيتهم على سبيل الاستدراج فكان الإيتاء لهذه العلة وقال الحسن البصري: هي لام الدعاء عليهم بأن يبقوا على ما هم عليه من الضلال، وعن سبيلك جار ومجرور متعلقان بيضلوا {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ} اطمس فعل أمر وفاعله أنت وعلى قلوبهم جار ومجرور متعلقان باطمس واشدد على قلوبهم عطف على اطمس على أموالهم. {فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ} يحتمل يؤمنوا النصب والجزم فالنصب بأن مضمرة بعد فاء السببية العاطفة أو العطف على قوله ليضلوا فلا يؤمنوا واختاره المبرد وعلى هذا يكون قوله: {ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم} اعتراضا، والجزم على وجه الدعاء عليهم على أن لا التي بسميها النحاة ناهية وهي بالنسبة إلى اللّه تعالى لام الدعاء ومثله بيت الأعشى:
فلا ينبسط من بين عينيك ما ** انزوى ولا تلقني إلا وأنفك راغم

وحتى حرف غاية وجر ويروا مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى والواو فاعل والعذاب مفعول به والأليم صفة.
{قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما} جملة قد أجيبت مقول القول ودعوتكما نائب فاعل.
{فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} الفاء الفصيحة واستقيما فعل أمر والالف فاعل ولا تتبعان الواو عاطفة ولا ناهية وتتبعان فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون وألف الاثنين فاعل والنون المشددة هي نون التوكيد الثقيلة وكسرت لوقوعها بعد ألف الاثنين وقرأ حفص تتبعان بتخفيف النون مكسورة مع تشديد التاء فتحتمل أن تكون لا للنفي وأن تكون للنهي فإن كانت للنفي كانت النون نون رفع والجملة اسمية أي وأنتما لا تتبعان أو انه خبر محض مستأنف لا تعلق له بما بعده، وإن كانت للنهي كانت النون للتوكيد وهي الخفيفة، وسبيل مفعول به والذين مضاف اليه وجملة لا يعلمون صلة.

.البلاغة:

التنويع في الخطاب، فقد نوع سبحانه في خطابهم فثنى أولا ثم جمع ثم وحد آخرا والسر في ذلك أن موسى وهارون خوطبا بأن يتبوأا لقومهما بيوتا ويختاراها للعبادة ثم سيق الخطاب عاما لهما ولقومهما باتخاذ المساجد للصلاة فيها لأن ذلك واجب على الجمهور ثم خص آخرا موسى بالبشارة التي هي الغرض الاسمى تعظيما لها وللمبشر بها.

.[سورة يونس: الآيات 90- 92]:

{وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ (92)}

.اللغة:

{وَجاوَزْنا}: هو من جاوز المكان إذا تخطاه وخلفه وراءه.
{فَأَتْبَعَهُمْ}: في المختار تبعه من باب طرب وسلم إذا مشى خلفه أو مرّ به فمضى معه وكذا اتّبعه وهو افتعل وأتبعه على أفعل إذا كان قد سبقه فلحقه. وقال الأخفش: تبعه وأتبعه مثل ردفه وأردفه وحكى أبو عبيدة عن الكسائي: أنه قال: إذا أريد بهم انه اتبعهم خيرا أو شرا قالوا بقطع الهمزة وإذا أريد به أنه اقتدى بهم واتبع أثرهم قالوا بتشديد التاء ووصل الهمزة.
{بَغْيًا}: البغي: طلب الاستعلاء بغير الحق.
{عَدْوًا}: في الصحاح للجوهري: عدا عدوا وعدوّا وعداء، وفي القاموس والتاج وعدوانا وعدوانا وعدوى عليه ظلمه ويقال: ما عدا مما بدا أي ما الذي صرفك عني بعد ما بدا منك.
{نُنَجِّيكَ}: من النجوة وهي الأرض التي لا يعلوها السيل وأصلها من الارتفاع.

.الإعراب:

{وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ} الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لبيان ما آل اليه أمر فرعون وقومه، وجاوزنا فعل وفاعل وببني إسرائيل متعلقان بجاوزنا والباء للتعدية أي جعلناهم مجاوزين البحر والبحر مفعول به.
{فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا} فأتبعهم الفاء عاطفة وأتبعهم فعل ومفعول به وفرعون فاعل وجنوده عطف على فرعون وبغيا مفعول لأجله وعدوا معطوف عليه ويجوز أن يكونا مصدرين في موضع الحال أي باغين معتدين.
{حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} حتى حرف غاية لاتباعه وإذا ظرف مستقبل وأدركه الغرق فعل ومفعول به وفاعل والجملة في محل جر بالإضافة وجملة قال لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم وجملة آمنت مقول القول وأن وما في حيزها في موضع نصب بنزع الخافض والجار والمجرور صلة آمنت ولا إله إلا الذي تقدم القول فيها مشبعا وجملة آمنت صلة الذي وبه متعلقان بآمنت وبنوا إسرائيل فاعل آمنت وأنا الواو عاطفة وأنا مبتدأ ومن المسلمين خبر {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} آلآن الهمزة للاستفهام والآن ظرف متعلق بمحذوف وتقديره آلآن آمنت، وقد الواو للحال وقد حرف تحقيق وعصيت فعل وفاعل وقبل ظرف مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة لفظا لا معنى وكنت من المفسدين عطف على عصيت وكنت كان واسمها ومن المفسدين خبرها.
{فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} الفاء استئنافية واليوم ظرف متعلق بننجيك وببدنك حال من الكاف أي مصاحبا لبدنك وسيأتي مزيد بحث عنها في باب البلاغة ولتكون اللام للتعليل وتكون منصوب بأن مضمرة واسم تكون مستتر تقديره أنت وآية خبرها ولمن خلفك حال والظرف متعلق بالاستقرار الذي هو صلة الموصول.
{وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ} الواو اعتراضية والجملة اعتراض تذييلي جيء به عقب الحكاية وان واسمها ومن الناس صفة لكثيرا وعن آياتنا متعلقان بغافلون واللام المزحلقة وغافلون خبر إن.

.البلاغة:

في الآية تورية إذا فسر البدن بالدرع أما إذا فسر بالجسم فيكون المعنى ننجيك في الحال التي لا روح فيك وانما أنت بدن أو ببدنك كاملا سويا لم ينقص منه شيء أما تفسير البدن بالدرع فيدل عليه قول عمرو بن معدي كرب:
أعاذل شكتي بدني وسيفي ** وكل مقلّص سلس القياد

وكانت لفرعون درع من ذهب يعرف بها، وعندئذ صح في البدن التورية وهي ان البدن في القريب الظاهر بمعنى الجسم وفي البعيد الخفي بمعنى الدرع ومراده البعيد الخفي فان نجاة فرعون أي خروجه من البحر بعد الغرق بدرعه أعجب آية من خروجه مجردا والتورية في القرآن قليلة وسترد مواضعها في حينها ونتحدث عنها هنا باختصار فنقول:
تعريف التورية: التورية هي أن يذكر المتكلم لفظا مفردا له معنيان: قريب ظاهر غير مراد وبعيد خفي هو المراد. وتنقسم إلى أربعة أقسام:
1- التورية المجردة وسميت بذلك لتحردها من اللوازم وهي قسمان أيضا:
آ- المجردة التي ذكر معها لازم المورّى به وهو المعنى القريب ولازم المورّى عنه وهو المعنى البعيد كقول مجير الدين بن تميم:
وليلة بتّ أسقى في غياهبها ** راحا تسلّ شبابي من يد الهرم

ما زلت أشربها حتى نظرت إلى ** غزالة الصبح ترعى رجس الظلم

فالصبح من لوازم الغزالة الشمسية والرعي من لوازم الغزالة الوحشية.
ب- المجردة التي لم يذكر معها لازم من لوازم المورّى به ولا لازم من لوازم المورّى عنه كقول بعضهم في سنة كان فيها شهر كانون معتدلا فأزهرت الأرض:
كأن نيسان أهدى من ملابسه ** لشهر كانون أنواعا من الحلل

أو الغزالة من طول المدى خرفت ** فما تفرق بين الجدي والحمل

فالتورية هنا مجردة إذ لم يذكر الشاعر شيئا من لوازم المورى به أو لوازم المورى عنه.
2- التورية المرشحة: وهي التي ذكر فيها لازم من لوازم المورى به كقول القائل:
يا سيدا حاز لطفا ** له البرايا عبيد

أنت الحسين ولكن ** جفاك فينا يزيد

فإن ذكر الحسين لازم لكون يزيد اسما علما بعد احتماله للفعل المضارع الذي هو معناه المقصود المورّى عنه ولابن خطيب داريا في حمص:
مدينة حمص كعبة الحسن أصبحت ** يطوف بها دان ويسعى بها قاصي

له حلة من نبتها سندسية ** تعلق في أذيال أستارها العاصي

فإن ذكر التعلق بأذيال الكعبة هنا على سبيل الاستعارة ترشيح للعاصي من العصيان كما سبق، وقد رد بعضهم على ابن خطيب داريا فقال:
مدينة حمص لم تكن قط كعبة ** يطوف بها دان ويسعى بها قاصي

ولكنها للّهو والقصف حانة ** ألم تنظروها كيف جاورها العاصي

3- التورية المبينة: هي التي ذكر فيها لازم من لوازم المورى عنه ومن أمثلتها ما يحكى أن نقيب الأشراف ببغداد كان يهوى غلاما اسمه صدقة أخذه ابن المنير الطرابلسي يوما وأضافه وجلسوا في طبقة وإذا بالشريف أتى إليهم مستخفيا وقال لهم:
يا من هم في الطبقة ** هل عندكم من شفقة؟

قد جاءكم متيّم ** يطلب منكم صدقه

فأجابه ابن المنير في الحال:
يا من أتانا سرقه ** بمهجة محترقة

جدّك يا ذا لم يجز ** أخذك منا صدقه

فخجل وذهب عنهما والشاهد في قول الشريف متيم يرشح المعنى المورى عنه في صدقة وهو اسم محبوبه والمعنى الثاني ظاهر وهو الصلة للفقراء.
4- التورية المهيئة: وهي التي لا يتهيأ معها في الكلام تورية إلا باللفظ قبله أو الذي بعده كقول الدماميني:
يا عذولي في مغن مطرب ** حرّك الأوتار لما سفرا

لم تهز العطف منه طربا ** عند ما تسمع منه وترا

فإن لفظة تسمع هيأت قوله وترا للتورية بالرؤية وهو المعنى البعيد وأما المعنى القريب فأحد الأوتار للطنبور.

.الفوائد:

{الآن} ظرف زمان للوقت الذي أنت فيه مبني على الفتح ويجوز أن يدخله من حروف الجر من والى وحتى ومذ ومنذ مبنيا معهن على الفتح ويكون في موضع الجر.